اخر تحديث 2/12/2024

المجلس الرئاسي يفشل في توحيد مرتبات ودعومات القوات المنضوية تحت معسكره

| فريق خبراء مجلس الأمن يتناول مشكلة عدم مساواة مرتبات الجنود للمرة الثانية..

للمرة الثانية، يتناول فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن الدولي المتعلق اليمن في تقاريره موضوع مرتبات الجيش اليمني الخاضع للحكومة الشرعية المعترف بها دوليا، ويتحدث عن ضعف مدفوعات وقدرات القوات النظامية الخاضعة لوزارة الدفاع، ومثلها وزارة الداخلية، مقابل تنامي نفوذ وقدرات التشكيلات العسكرية والأمنية التي بنيت خلال فترة الحرب بدعم وتمويل من دولة الإمارات، وكذلك السعودية.

 

الفريق الأممي تحدث في تقريره الأخير عن "تباين كبير" في مرتبات الجنود المنتمين للقوات اليمنية المناوئة للحوثيين والمنضوية تحت معسكر مجلس القيادة الرئاسي المشكل في السابع من أبريل 2022 بقيادة الدكتور رشاد العليمي وسبعة أعضاء.

وورد في التقرير أن "هناك تباينا كبيرا في مرتبات الجنود، وأنه يلزم إجراء مراجعة شاملة لقوائم بعض الجماعات التابعة لحكومة اليمن. وهناك جماعات تقوم بزيادة أعداد جنودها بإضافة أسماء غير موجودة أو أسماء موظفين يعملون في وزارات أخرى لكي تحصل على المزيد من المرتبات".

وأشار التقرير إلى أن "وزارة الدفاع طلبت من المجلس الانتقالي الجنوبي تزويدها بقائمة بأسماء الجنود التابعين للجماعة للمساواة بين مرتبات جميع الجنود المنتمين إلى فصائل مختلفة، لكن المجلس لم يقدم هذه القائمة حتى الآن". مضيفا: "لا يزال المجلس الانتقالي الجنوبي عازفا عن الانضمام إلى القوات الموحدة تحت قيادة واحدة، على نحو ما قرره رئيس مجلس القيادة الرئاسي، ويفضل أن يظل مستقلا". وفقا للتقرير.

 

بعد مضي قرابة ثلاثة أعوام على تشكيله، لم ينجح مجلس القيادة الرئاسي، في تسوية مرتبات ودعومات القوات والتشكيلات العسكرية والأمنية المنضوية تحت إطاره، الأمر الذي يضع مزيد من العراقيل أمام توحيد ودمج تلك القوات بشكل فعلي ضمن هياكل وزارتي الدفاع والداخلية بالحكومة الشرعية المعترف بها دوليا. 

ومنذ اندلاع الحرب التي فرضتها سيطرة الحوثية المدعومة إيرانيا على العاصمة صنعاء وتمردها على الدولة، وانطلاق عمليات "عاصفة الحزم، إعادة الأمل" بقيادة السعودية ومشاركة الإمارات، تم بناء قوات عسكرية وأمنية موازية للقوات النظامية، خارج إطار الحكومة وتحت لافتة مواجهة التمرد الحوثي ومحاربة الإرهاب.

تنامت تلك التشكيلات التابعة بصورة شبه كلية لأبو ظبي والرياض وتخضع بعضها لقيادة القوات المشتركة لقوات التحالف العربي التي تولت إدارتها وتسليحها وتدريبها، وتمدها بالمدفوعات والدعم المالي والمرتبات الجيدة، واتسع نفوذ "القوات الموازية" لتفرض واقعا جديدا قاد إلى تشكيل المجلس الرئاسي، برعاية سعودية ومباركة دولية، كمحاولة لترتيب صفوف القوى والأطراف المناوئة للحوثيين وتوحيد قواتهم.

 

تدني مدفوعات القوات النظامية

 

وفقا لمعلومات حصل عليها "ديفانس لاين" فقد تعهد رئيس المجلس الرئاسي بتسوية مرتبات مختلف القوات العسكرية والأمنية، خلال لقاء موسع جمعه لأول مرة، 25مارس، مع قيادة وزارة الدفاع ورئاسة الأركان وقادة القوات والمناطق والمحاور العسكرية.

وبحسب المعلومات فقد وعد الدكتور العليمي، وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة اليمنية وفقا للدستور ومنحه اعلان نقل السلطة صلاحيات حصرية كقائد أعلى، بتحسين قيمة مرتبات القوات النظامية أسوة بسائر التشكيلات.

 

مقابل الدعم والمدفوعات والمرتبات الجيدة والمنتظمة التي تتلقاها التشكيلات المسلحة، تُعاني القوات النظامية الخاضعة لوزارتي الدفاع والداخلية منذ بداية الحرب من عدم انتظام صرف المرتبات، ومن تدني قيمة رواتب منتسبيها، وضعف القدرات والدعم.

فقد تحملت القوات النظامية العبء الأكبر في معركة مواجهة الحوثيين والجماعات الإرهابية واستنزفت المواجهات قدراتها ومخزونات سلاحها وذخائرها التكتيكية ودفعت أكبر فاتورة الخسائر البشرية، كما عانت في نفس الوقت من ضعف كفاءة أداء وإدارة الحكومة الشرعية للمعركة والخلافات الخليجية والاستقطابات الإقليمية.

 

يتقاضى الجندي في التشكيلات غير النظامية، راتبا شهريا منتظما لا يقل عن ألف ريال سعودي، بينما يتقاضى الجندي في القوات التابعة لوزارة الدفاع راتب غير منتظم بما يعادل أقل من 130ريال سعودي.

وفي عام 2016 أقرت الحكومة الشرعية تحديد راتب الجندي التابع لوزارة الدفاع، بمبلغ 60الف ريال يمني، بما يعادل ألف ريال سعودي، حينها. لكن قيمة المبلغ وقدرته الشرائية تدنت مع استمرار تدهور سعر العملة الوطنية والتضخم المهول في الأسعار. وأصبح قيمة راتب الجندي في الجيش النظامي تعادل أقل من 130ريال سعودي.

 

ولا تقتصر هذه الاختلالات على الفوارق المهولة بين قيمة مرتبات القوات الممثلة في المجلس الرئاسي، فالقوات التابعة لوزارة الدفاع تعاني هي الأخرى من غياب المساواة في آليات صرف المرتبات بين مختلف القوى والمناطق العسكرية.

إذ تعاني القوات في بعض المناطق والمحافظات المحررة وبالأخص المناطق التي تتولى مواجهة الحوثيين أكثر من بقية المناطق من عدم انتظام صرف مرتباتها ومحدودية الدعم والموازنات التشغيلية.

 

وتتحدث مصادر عسكرية وحكومية لـ"ديفانس لاين" أن المرتبات المُتأخرة المستحقة لتلك المناطق التي ترابط على خطوط النار قد بلغت خلال الفترة (2016-2023) بما يزيد عن استحقاق أكثر من عامين ونصف العام (29شهرا) لم تدفعها الحكومة.

 

فيما مرتبات المنطقة الرابعة في عدن يتم صرفها منذ 2016، بشكل أكثر انتظاماً من بين بقية المناطق، مع فشل محاولات دمج المنطقة الرابعة وتوحيد جميع المناطق العسكرية تحت إطار دائرة مالية عسكرية موحدة.

أما المنطقة الخامسة المتمركزة في المناطق المحررة من محافظة حجة والمحاور التابعة لها، وكذلك المحاور والوحدات العسكرية المتمركزة في الحدود الشمالية في محافظتي صعدة والجوف، فهي تتلقى مرتباتها ومدفوعات من السعودية التي تولت تشكيلها وتدريبها وتمويلها، ومع أن تلك القوات تخضع إداريا إسميا لوزارة الدفاع لكنها عمليا تخضع لإدارة قيادة القوات المشتركة.

 

تسوية المرتبات مدخل للدمج

 

هذا الاختلال الذي أحدث انعكاسات عميقة على مستوى كفاءة القوات في مواجهة الحوثيين، دفع فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن الدولي إلى دعوة المجلس للنظر في إمكانية اتخاذ قرار بخصوص مشكلة تأخر صرف مرتبات قوات "الجيش الوطني" وقوات الأمن الخاضعة للحكومة الشرعية.

وقال فريق الخبراء في تقريره المقدم لمجلس الأمن في 2020، إن "تأخر دفع المرتبات، وكذلك نقص القدرات لدى القوات الأمنية والعسكرية التابعة للحكومة يشكلان تهديدا للسلام والأمن والاستقرار في اليمن. ويشكلان عائقا أمام تنفيذ حظر الأسلحة المحددة الأهداف". بحسب التقرير.

 

نص اعلان نقل السلطة على هيكلة وتوحيد القوات والتشكيلات الموازية، وإعادة تنظيمها، وعلى تشكيل لجنة عسكرية وأمنية مشتركة لتتولى هذه المهام الاستراتيجية.

وبينما يعترف رئيس المجلس الرئاسي بأن أعضاء في المجلس –وهم غالبا يمثلون تلك التشكيلات المسلحة- يرفضون عملية الدمج والتوحيد للقوات التي يقودونها، لم يتخذ المجلس قرارات وإجراءات فعلية لتقليص الفجوة بين القوات المسلحة اليمنية الخاضعة رسميا لوزارتي الدفاع والداخلية، وبين التشكيلات والقوات الأخرى، في جوانب الدعم والرعاية، ولم يتخذ المجلس خطوات جدية لتحقيق مقاربات في جانب القدرات والمرتبات، كمدخل رئيسي وخطوة تمهيدية لدمج القوات وتوحيدها، وإحداث "اختراق جاد" في هذا الملف الذي يزداد تعقيدا يوما بعد آخر.

 

ما يعني بقاء القوات بولاءاتها وعقائدها المتعددة وقدراتها المتفاوتة، خارج السيطرة الفعلية للقائد الأعلى وتراتبية القيادة والسيطرة العسكرية التي ينظمها الدستور اليمني والقوانين المعمولة وتحكمها الأطر التنظيمية والهيكلية للجيش اليمني ووزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة، وهو الأمر ويعرقل استعادة الدولة اليمنية وبناء مؤسسة عسكرية وأمنية وطنية، ويقوض جهود إحلال السلام والاستقرار الدائم، وقد يؤسس لجولات جديدة من الصراع الداخلي. وفقا لمراقبين.


اطلع على المزيد