خلال أربعة عقود توغلت إيران في عدد من الأقطار العربية وفق خطة سرية متداخلة مع "إسرائيل" تحقق طموحات كل منهما فيما يتعلق بتدمير العالم العربي، والذي بلغ حد الكارثة على كافة الأصعدة، والعالم يتفرج ويسكت عنها بتأثير التخادم الإيراني الإسرائيلي الذي يرعاه الغرب.
▪️وبالعودة إلى تاريخ "إيران وإسرائيل" قديمه وحديثه فإننا سنخلص إلى أربع نتائج :
١. هي أن "إيران وإسرائيل" لا تعرفان في كل علاقاتهما السياسية والدينية والاقتصادية مع شعوب المنطقة المبادئ الإنسانية التي تقوم على أساسها العلاقات الدولية التي فرضت عليها الجغرافيا العيش في دول متجاورة ولها حدود مشتركة فيما بينها، ربما تكون موضع نزاعات وحروب قد تنتهي بحل متفق عليه لتعود مبادئ العلاقات الإنسانية تحكم العلاقة الجديدة بينها، فيما يبقى الخلاف وأسبابه مسألة تخص التاريخ وحده. والأمثلة التاريخية على ذلك كثيرة، وأحدثها العلاقات بين ألمانيا وبين الدول الأوربية التي تحاربت معها حربين مدمرتين خلال النصف الأول من القرن العشرين.
٢. أن إسرائيل وإيران في كل منطقة عربية احتلتاها تستخدمان كل وسائل القهر، لترحيل أصحاب البلاد الشرعيين ودفعهم إلى التشرد خارج الحدود وفقا لنظرية "الإخلاء والحلول".
٣. هي أنه ليس لـ" إيران وإسرائيل" مطالب محددة في الزمان والمكان، وسلوكية كل منهما نجدها في قضية معاصرة، تتمثل في العدوان الإسرائيلي الإيراني المستمر على المشرق العربي ومطالبات كل منهما لم تتوقف طيلة قرن كامل تبادلتا فيه الأدوار لإنهاك المنطقة وتدميرها بالحروب. منذ قبول إسرائيل بقرار التقسيم الأممي رقم (181) العام 1947 وحتى يومنا هذا. فيما الصراع العربي الفارسي لم يتغير منذ عهد الفارسي والصفوي وصولاً للعهد الخميني.
٤. كل من إيران وإسرائيل تحملان مشروعا خاصا، لاحتلال منطقة الشرق الأوسط -استنادا لمعتقدات دينية متخيلة لتبرير الاحتلال- إلا أن كلا منهما عون قوي للآخر في تدمير دول المنطقة.
▪️ومع انكسار أسوار الحواضر العربية في العراق وسوريا ولبنان واليمن إثر التواطؤ الإيراني مع إسرائيل والغرب، تستكمل إيران مشروعها في تحويل الحواضر العربية إلى خرائب تتشح بالسواد ، والانتقال بها من مدن مفتوحة على الثقافات العالمية إلى أخرى يحاول الإيرانيون العودة بها إلى القرن السابع الهجري.
▪️ فالصور المتناقلة من بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء ليست تعبيرا عن طقوس وشعائر دينية فحسب ، إنما هي غزو ثقافي إيراني تحميه ديكتاتورية فكرية وعسكرية، بهدف ثأري انتقامي من التاريخ والجغرافية، حيث كانت تلك المدن تعج بثقافات متنوعة تحوي داخل أسوارها اليهود والمسيحيين والمسلمين على حد سواء.
ولا يمكن لها تحقيق مشروعها دون التواطؤ مع أنظمة الحكم الطائفية في نشر التشيع السياسي والذي يصب في خدمة الطرفين ، و تتصدرها الإبادة اليومية في دول المشرق العربي على أيدي مجرمي مايسمى محور الممانعة ، باستراتيجية لا تقبل الجدل تقوم على تفريغ الحواضر العربية من أهلها الرافضين لمشروع التشيع.
أمام هذه التفاعلات المتناقضة، فالمنطقة تدخل الفصل الأخير من العبث الذي تقوده إيران وإسرائيل باتجاه ترتيبٍ جديدٍ يُدفع فيه باستهداف إسرائيل المكثف للتواجد الإيراني في سوريا ولبنان إلى واجهة المشهد واليوم نراه في اليمن ، وقد بدت علامات ذلك في النشاط العسكري الإسرائيلي المتصاعد ، ليس في جنوب لبنان و سوريا واليمن ، في سياق انتهاء مهمة إيران ، لتصوغ إسرائيل ومعها الغرب خرائط المنطقة بعيداً عن إيران الهشة ذات البناء العمودي بينما تشكل أفقيا حالة من الفراغ وعندما تتوقف الحرب تنهار تلقائيا، وهذا ما تدركه كل القوى المنخرطة في الصراع القائم.
فهل آن الآوان لأن يكون للعرب كلمتهم بعيدا عن التخادم الإسرائيلي الإيراني والتواطؤ الغربي والذي اصبحنا فيه مسرح لأعمالهم وأهدافاً لاستراتيجاتهم ومغنما لأطماعهم ؟
هل آن آوان ان نكون نحن الفاعلين ونشكل حوائط صد تمنع هذا العبث من هذين الكيانيين الارهابيين الذين يتبادلون الأدوار والمنافع والاطماع ؟
*نقلا عن حساب الكاتب على منصة إكس