اخر تحديث 24/1/2025

صفي الدين: الخليفة المحتمل لقيادة حزب الله يلحق بقائده قتيلا

| احتمالات نجاته منعدمة بعد مضي نحو أسبوعين من الضربة ومنع إسرائيل فرق الإنقاذ من البحث..

بعد أسبوع فقط، من مصرع زعيم "حزب الله"، ذراع إيران في لبنان، حسن نصرالله، في ضربة جوية وحشية شنتها إسرائيل، الجمعة قبل الماضية، استهدفت القيادة العليا للحزب، ومعهم مسئول فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، أثناء اجتماع لهم في أحد المخابئ الحصينة في الضاحية الجنوبية لبيروت، جاءت الضربة التالية في وقت متأخر من يوم الخميس الماضي، مستهدفة هاشم صفي الدين، القيادي المتشدد وصهر قاسم سليماني، الذي برز اسمه كمرشح لقيادة الحزب، وخليفة محتمل أمينا عاما للحزب الذي خسر قائده ويخسر معظم الصف الأول والثاني من قياداته تباعا ويتعرض لأكبر عملية استنزاف عسكرية، أظهرت المستوى العميق من ضعفه وهشاشة بنيته التنظيمية والعسكرية أمام الضغط الهائل والتفوق الإسرائيلي الحربي والتقني والمعلوماتي.

 

ورغم مضي قرابة أسبوعين من فقدان الاتصال بهاشم صفي الدين، ويرجح أنه قد قضى في الضربة التي استهدفته إلى جانب قادة بارزين، إلا أن الحزب يرفض الحديث عن مصيره حتى تكتمل عملية البحث في موقع الغارة، التي فرضت إسرائيل حضرا جويا عليها ومنعت الاقتراب منها.

القيادي في حزب الله محمود قماطي، أكد في حديث للتلفزيون العراقي الرسمي إن إسرائيل لم تسمح بالتقدم في عملية البحث عن صفي الدين، داعيا إسرائيل للسماح لفرق الإنقاذ أن "تؤدي عملها". مشيرا إلى أن الحزب لن يعلن عن مصير هاشم إلا عندما تنتهي عملية البحث.

 

احتمالات نجاة صفي الدين ضئيلة للغاية، إن لم تن معدومة، بعد مضي 12يوما من الضربة الأعنف التي دمرت مبان مدعمة بخرسانة كبيرة واخترقت تحصينات ومخابئ بنيت تحت الأرض، فيما تمنع إسرائيل الاقتراب من موقع الغارة أو البحث تحت الأنقاض، لمنع أية فرصة لنجاة ضحايا.

نفس المصير، ينطبق على قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري، العميد إسماعيل قاآني، الذي سافر إلى لبنان بعد أيام من اغتيال حسن نصر الله. ويقول مسؤولون إيرانيون "لا يزال من غير المعروف ما إذا كان قاآني قد قُتل أو أصيب"، رغم أن صمت طهران حول وضعه غير عادي.

 

لم يكتب لهاشم، على ما يبدو، قيادة حزب الله، والجلوس على كرسي قائده لأسبوع واحد، ليلحق به قتيلا

رغم نفى حزب الله اللبناني أن يكون اتخذ إجراءات تنظيمية داخل قيادته عقب مقتل أمينه العام حسن نصر الله وقادة آخرين، وتأكيد الحزب في بيان نشره مكتبه الإعلام في وقت سابق أن "الأنباء التي تم تداولها بهذا الشأن لا يبنى عليها ما لم يصدر بيان رسمي"، في إشارة إلى أنباء تعيين القيادي المتشدد وصهر قاسم سليماني، هاشم صفي الدين خليفة لنصر الله في قيادة الحزب الذي يشغل هاشم رئيسا لـ"المجلس التنفيذي" للحزب، إلا أن وسائل الاعلام ووكالات الأنباء العالمية خصصت لصفي الدين اهتماما كبيرا، ليبقى متصدرا العناوين والتناولات، كما لو أنه أصبح الرجل الأول في الحزب.

لم يكتب لهاشم، على ما يبدو، قيادة حزب الله، والجلوس على كرسي قائده لأسبوع واحد، ليلحق به قتيلا، في ضربة شديدة الوجع للحزب وداعمته إيران التي تتلقى وأذرعها ضربات قاصمة.

لتتوالى أحزان الإمام الخامنئي الذي اعترف أنه انتابه "حزن عميق" لفقدان حسن نصرالله، وقال إن "شهادته ليست بالأمر الهيّن".

 

القيادي محمود قماطي، الذي يعد أحد أكبر المسئولين السياسيين لحزب الله، قال إن الحزب يتم إدارته حاليا عبر "قيادة مشتركة مؤقتة"، حتى يتمكن من اختيار زعيم جديد "وهو ما سيستغرق بعض الوقت".

ونقلت "رويترز" عن قماطي تأكيده أن "طريقة اختيار بديل للأمين العام تستغرق وقتا وتتطلب ظروفا مناسبة، ولهذا السبب نكتفي اليوم بقيادة مشتركة مؤقتة".

وقال "المهم هو أن تكون القيادة المشتركة جاهزة".

من هو هاشم صفي الدين؟

 

هاشم صفي الدين، المولود عام 1964 في بلدة دير قانون النهر في منطقة صور جنوبي لبنان، وتلقى تعليمه في النجف وقُم مثل حسن نصر الله، وكان من بين مؤسسي حزب الله عام 1982، هو ابن خالة نصر الله، وتجمعه علاقة مصاهرة مع قاسم سليماني، القائد السابق لـ "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني.

 

ويعد صفي الدين نسخة قريبة لحسن نصرالله، إذ يتشابه معه في الشكل وطريقة الحديث، لدرجة تطابقهما في نطق الراء بلثغة واضحة.

في عام 1994 استدعى حزب الله صفي الدين من حوزة قم لتولي مسؤوليات سياسية وعسكرية، خاصة وأنه كان أحد ثلاثة رعاهم القيادي السابق بالحزب عماد مغنية وأعدهم لتولي مسؤوليات وهم نصر الله وصفي الدين ونبيل فاروق.

وعينه نصر الله في نفس العام رئيسا للحزب في منطقة بيروت.

 

تولى صفي الدين رئاسة مجلس المقاومة المسؤول عن النشاط العسكري للحزب عام 1995. إذ تولى رئاسة المجلس الجهادي (أعلى هيئة بالتنظيم العسكري للحزب).

أصبح عضوا في مجلس الشورى للحزب عام 1998. وتم ترقيته في نفس العام ليكون مسؤولا عن المجلس التنفيذي. للحزب، والمجلس أشبه ما يكون بالحكومة.

ليتولى الاشراف على إدارة العمليات اليومية للحزب. وكان مسؤولا عن تنفيذ السياسات الداخلية وتطوير الهيكل الإداري للحزب، ومسئولا عن إدارة مؤسسات الحزب وأمواله واستثماراته بالداخل والخارج.

 

ووفقا لمنظمة محاربة التطرف، فأن صفي الدين هو المسؤول عن الإشراف على "أنشطة حزب الله السياسية والاجتماعية والثقافية والتعليمية".

وبصفته رئيسا للمجلس التنفيذي، يعد الرجل واحدا من 7 أعضاء منتخبين في مجلس الشورى الحاكم لحزب الله.

لقد كان من بين أبرز المرشحين لخلافة نصر الله، وهناك أيضاً (الشيخ) نعيم قاسم الذي يتقلد منصب نائب أمين العام للحزب.

تربطه بالقيادة الإيرانية علاقة وثيقة، حيث درس في قم وتواصل مع كبار المسؤولين في طهران.

كما أن زواج ابنه من ابنة قاسم سليماني، عزز من نفوذه ومكانته.

 

وإضافة على كونه قائدا سياسيا وفكريا، فهو أيضا قائدا عسكريا، ففي نوفمبر2010 تم اختياره قائدا عسكريا لمنطقة الجنوب.

تم تصنيفه كإرهابي من قبل الولايات المتحدة في مايو 2017، وفرضت عليه أمريكا عام 2018 عقوبات اقتصادية تتضمن مصادرة ممتلكاته وحساباته، ومنع التعامل المالي معه.

كما أدرجته في "قوائم الإرهاب" كل من السعودية والبحرين والإمارات، رفقة عدد من قيادات الحزب.

ثلاثة تناوبوا قيادة الحزب

 

تأسّس حزب الله عام 1985 وعرف في تاريخه ثلاثة أمناء عامين هم (الشيخ) صبحي الطفيلي (1948)، و(السيد) عباس الموسوي (1952-1992)، و(السيد) حسن نصر الله (1960-2024).

وخلال السنوات الثلاثين الماضية، بنى الحزب جزءاً أساسياً من حضوره الشعبي على التمثّل برمزيّات كربلاء، وإرث الحسين الذي يعدّ رمزاً للمستضعفين.

 

وقد ساهمت شخصية نصر الله والكاريزما التي تمتّع بها، في تأصيل هذه المعتقدات التي يعدها أنصار الحزب صدى لما مثّلته الثورة الإسلامية في إيران عام 1979.

ومجلس شورى الحزب المؤلف من سبعة أعضاء هو المخول والمعني بانتخاب الأمين العام للحزب.

 

برز حزب الله إلى واجهة الأحداث أثناء احتلال إسرائيل لجنوب لبنان عام 1982. إلا أن جذوره الفكرية تعود إلى ما يعرف "الصحوة الإسلامية الشيعية" في لبنان في الستينيات والسبعينيات التي شهدت صعود مرجعيات دينية في جنوب لبنان كمرجعية السيد موسى الصدر، والسيد محمد حسين فضل الله.

لا يخفي الحزب في أدبياته التزامه بعقيدة ولاية الفقيه التي وضع أسسها آية الله الخميني بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران.

 

وبعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان عام 2000، رفض حزب الله المطالب الداعية لنزع سلاحه، وربط رفضه باستمرار احتلال إسرائيل لمزارع شبعا. واستمر في تقوية جناحه العسكري - "المقاومة الإسلامية"، وهي القوة التي استخدمها ضد إسرائيل في حرب عام 2006.

وعقب توقيع اتفاق الطائف عام 1989، الذي وضع نهاية للحرب الأهلية في لبنان، وطالب بنزع السلاح عن الميليشيات، اتجه حزب الله لإعادة تقديم جناحه العسكري على أنه قوة "مقاومة إسلامية" تهدف إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للبلاد، ما سمح له بالإبقاء على تسليحه.

 

 

+ وكالات


اطلع على المزيد