قوات "درع الوطن" هي قوات سلفية عقائدية، بدأ تشكيلها مطلع عام 2022 بدعم سعودي، بعض قادتها ومقاتليها خرجوا من رحم "ألوية العمالقة الجنوبية".
ظهرت هذه القوات المتنامية، بعد نشوب خلافات مع "ألوية العمالقة بالساحل الغربي"، وهي قوات سلفية غالبيتها جنوبية، بدأ تشكيلها بدعم إماراتي، تم الدفع بها للمشاركة في عمليات تحرير المناطق الساحلية بمحافظات لحج وتعز وصولا إلى الحديدة، ولعبت دورا فاعلا في دحر الحوثيين بدعم وإسناد عسكري واسع من القوات الإماراتية والسعودية وقوات سودانية.
مع اتجاه الإمارات نحو تطوير نفوذ "المجلس الانتقالي الجنوبي" والقوات العسكرية والأمنية التي شكلتها أبوظبي خارج إطار الدولة اليمنية، وتم تأطيرها تحت إطار المجلس –أنشأته الإمارات- المنادي بالانفصال، واتجاه الانتقالي وقواته لتقويض سلطات الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا، واتساع الفجوة بين مشروع أبو ظبي في اليمن، وبين مشروع وأهداف السعودية، بدأت الإمارات هيكلة قوات العمالقة وفق تصورها وأهداف تواجدها في جنوب اليمن.
وعينت الإمارات والانتقالي القيادي السلفي العميد علي سالم الحسني، قائدا للعمالقة، في 2019م، بالتزامن مع تصعيد الانتقالي في عدن وتمرده على الشرعية، وقد أفضت تلك الأحداث إلى توقيع اتفاق الرياض "5نوفمبر 2019" الذي حققت أبوظبي تفوقا في تحقيق الاعتراف بواجهتها السياسية "الانتقالي" ومشاركته في الحكومة.
في منتصف عام 2020، قامت الإمارات بإزاحة الشيخ من قيادة العمالقة وعينت الشيخ السلفي عبدالرحمن المحرمي اليافعي-أبو زرعه، مكانه. وأظهر المحرمي انحياز العمالقة إلى الإمارات بشكل كامل، ثم اتخذ قرارا بتغيير اسمها إلى "ألوية العمالقة الجنوبية"، في يناير2022، لتتحول القوات إلى واحدة من الأذرع الخاضعة للانتقالي والمنخرطة في المشروع الانفصالي.
اتجهت السعودية لاستقطاب قادة وعناصر العمالقة، للتشكيل الجديد (العمالقة الجديدة) كجناح سلفي مواز، وقوات موالية للسعودية والحكومة الشرعية لمحاولة إحداث بعض التوازن في عمق مناطق نفوذ الإمارات وذراعها الانتقالي جنوبا. وتولت السعودية تدريبها وتمويلها وتسليحها.
الرسملة إسميا
يقود القوات منذ تأسيسها انطلاقا من منطقة الوديعة الحدودية، الشيخ السلفي العميد بشير سيف غبير المضربي الصبيحي. وهو من مواليد منطقة الصبيحة رأس العارة محافظة لحج الجنوبية.
أحد مشائخ الجماعات السلفية الذين درسوا في المراكز السلفية في مناطق كتاف ودماج في محافظة صعدة.
كان أحد قيادة "المقاومة الشعبية" التي تشكلت في مدينة عدن لمواجهة الحملة الحوثية التي حاولت السيطرة على المدينة. وبعد تحرير عدن والمناطق المجاورة التي انخرطت فيها تشكيلات المقاومة الشعبية من السلفيين والناشطين والشباب ومجاميع من حزب الإصلاح، غاب بشير بعد التضييق الذي استهدف القوى والقوات التي لم تقبل الانخراط في مشروع "التجزئة والتقسيم" المدعوم من دولة الإمارات. وتتحدث مصادر –لم يتسن التحقق منها- أنه عين سابقا قائدا لإحدى الكتائب التابعة للواء الثالث عمالقة.
بعد فترة من بدء تجميع المقاتلين إلى مناطق جبهات الحدود داخل الأراضي السعودية واليمنية، أصدر رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد محمد العليمي، القرار رقم (١٨) لسنة ٢٠٢٣م، قضى بإنشاء وحدات عسكرية تسمى (قوات درع الوطن).
نص القرار الصادر 29 يناير 2023م على أن تكون هذه القوات "احتياطي القائد الأعلى للقوات المسلحة". وأن يحدد رئيس المجلس الرئاسي "القائد الأعلى" عدد هذه القوات ومهامها ومسرح عملياتها في أمر عملياتي يصدر عنه.
كما نص قرار العليمي أن "تلزم هذه القوات بقانون الخدمة في القوات المسلحة والقوانين ذات الصلة، وبتوجيهات القائد الأعلى للقوات المسلحة".
وأصدر رئيس المجلس الرئاسي القرار التالي رقم (١٩) لسنة ٢٠٢٣م، في نفس اليوم، بتعيين بشير سيف قائد غبير الصبيحي قائدا لهذه القوات وبرتبة "العميد".
بتلك القرارات الرئاسية وما تلاها من قرارات وتعيينات، أصبحت هذه القوات ذات صفة رسمية وبغطاء قانوني، وخاضعة "إسميا" لوزارة الدفاع والقوانين العسكرية، لكنها "عمليا" ستبقى تخضع لقيادة القوات المشتركة لقوات التحالف العربي، والقوات السعودية التي تتولى إدارة هذا التشكيل وخططها القتالية ومناطق تمركزها وانتشارها، بالتنسيق مع الرئاسة اليمنية.
حظيت قوات الدرع باهتمام خاص من قائد القوات المشتركة الفريق أول ركن مطلق بن سالم الأزيمع، الذي تم إعفائه بموجب أمر ملكي في أغسطس المنصرم، وتعيين اللواء الركن فهد بن حمد بن عبدالعزيز السلمان، خلفا له وترقيته إلى رتبة "فريق ركن".
بعد أقل من شهرين على صدور القرارات الرئاسية قام الأزيميع، الذي عين مستشارا بالديوان الملكي، بزيارة المعسكر التدريبي لقوات الدرع في منطقة الوديعة، واستقبله قائدها المضربي.
وللعمل على تجسير علاقاتها مع المواطنين وكسب حواضن مجتمعية في المحافظات الجنوبية التي تتنامى فيها النزعات الجغرافية والسياسية والمناطقية، تقوم قوات الدرع ببعض الأعمال الإنسانية وتوكل لها توزيع مساعدات في مناطق بمحافظة لحج والضالع وفي شبوة وبعض مناطق أبين. وينشط قائدها في أعمال المصالحة بين القبائل والأطراف والأنشطة المجتمعية.
"تجربة أخيرة" لإنقاذ الوطن
في كلمة مسجلة للقائد سيف المضربي الصبيحي، وهو نادر الظهور إعلاميا، بثها المكتب الإعلامي، يقول إن هدف بناء القوات في مثل هذه الظروف هو تخليص الشعب من المليشيات، وتخليصه من الفوضى ومن قطاع الطرق، وتأمين أبنائه ليعيشوا بكرامة على هذه الأرض.
مضيفا أن هذه القوات جاءت "كنموذج أخير، وتجربة أخيرة لإنقاذ الوطن من الورطة التي هو فيها". وهي قوات "أمن وسلام تحمي المقدسات وتدافع عن المقدرات وتدافع عن الدين والوطن.. لا يمكن أن تكون هذه القوات تشكل خطرا في يوم من الأيام على أحد في الداخل أو الخارج إلا بالحق".
وقال مخاطبا منتسبي قواته: "لانسفك دما محرما ولا نستبيح مالا محرما ولا نقطع طريق ولا نسلك طريق البلطجية.. بل نكون في أعلى مراتب الانضباط.. لإشعار الناس بالأمان إذا رأوا القوات تنتشر في مناطقهم.
وظهر المضربي، بجوار رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي، خلال لقاء لقادة القوات والتشكيلات الجنوبية وألوية العمالقة الجنوبية، وقوات درع الوطن، 22 مارس، في قاعة قصر الانتقالي بالتواهي بمدينة عدن.
كما ظهر في 14 أغسطس، في مقر القيادة والسيطرة لقواته بمنطقة العند مستقبلا المستشار العسكري للمبعوث الأممي إلى اليمن أنتوني هيوارد. وقبلها ظهر إلى جوار وزير الدفاع الفريق الركن محسن الداعري، خلال لقاء جمعه في عدن بالمستشار العسكري للمبعوث.
التنظيم الإداري
لدى هذه القوات تنظيم إداري مستقل. لا ترتبط القوات بوزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان، عملياتيا ولوجستيا.
لاترفع العلم اليمني ولا أعلام جنوبية. اتخذت لها شعارا خاصا، ولديها مكتب إعلامي له ينشط على منصات التواصل الاجتماعي.
تخضع لتدريب خاص قليل التنظيم، وفق منهج مستقل للتدريب والعقيدة القتالية، وأسلوب في الخطاب الديني والتوجيه المعنوي يرتكز على العقيدة المذهبية. وتنظم أنشطتها وفعالياتها وفق تقاليد نظامية وأناشيد وهتافات وموسيقى تختلف بعضها عن التقاليد العسكرية المعتمدة في الجيش النظامي.
القدرات والقوام وطبيعة الانتشار
تتلقى القوات دعومات ومرتبات سخية من السعودية، وبعض التمويلات الحكومية.
لديها تسليح جيد، يضم عربات ومدرعات وأسلحة ثقيلة ومصفحات ومدفعية ومضادات دروع. وتوليها قيادة القوات المشتركة اهتماما كبيرا، ووجهت السعودية للدرع كثير من الدعم.
تتشكل قوات درع الوطن من القيادة عامة، يقع المقر الرئيسي للقيادة العامة للقوات في العند، محافظة لحج، شمال مدينة عدن.
بشير المضربي، هو "القائد العام" للقوات، وهو من يصدر القرارات والتعيينات والأوامر والتوجيهات. له مستشار هو الشيخ العميد محمد صالح عبيد باعيسى.
يتم تسيير عملها عبر إدارة عامة، وإدارات تخصصية متفرعة، وتنظيم عملها وعملياتها عبر مركز قيادة وسيطرة رئيسي. وتنظم التعاون مع مختلف القوات عبر غرفة عمليات مشتركة، وفروع القوات المشتركة في المحافظات والمحاور العسكرية.
يتشكل قوامها قتاليا في فرقتين، وتحت كل فرقة عددا من الألوية والوحدات. وتضم 14لواء، ووحدات فرعية أخرى. يضم كل لواء عدة كتائب. إضافة إلى لواء شرطة عسكرية.
تشير التقديرات إلى أن كشوفات قوامها البشري يتألف من حوالي 20ألف مقاتل. معظم من يخدمون فيها هم سلفيين من المحافظات الجنوبية، وتحديدا من لحج وعدن.
وتضم القوات لواءين شكلا من سلفيين من أبناء المحافظات الشمالية. يتمركزان في أطراف مأرب والجوف. وقد تم استقطاب بعض المقاتلين من القوات النظامية في مأرب.
- الفرقة الأولى:
يقودها الشيخ علي الشمي راشد علوان. برتبة عقيد. وهو من أبناء الصبيحة لحج. وقائد سابق بألوية العمالقة.
تتمركز الفرقة في عدن، يتبعها 9ألوية. تنتشر في عدن ولحج والضالع وفي بعض مناطق أبين، وأطراف مديريات تعز. وتنخرط قواتها في معارك مواجهة المتمردين الحوثيين.
- الفرقة الثانية:
يقودها الشيخ العميد فهد سالم عيسى بامؤمن. برتبة عقيد. وهو من أبناء حضرموت. وهو أيضا قائد اللواء الخامس درع.
تتمركز في منطقة الوديعة ومدينة سيئون محافظة حضرموت. تضم 5ألوية. معظم منتسبيها من أبناء حضرموت وشبوة.
تنتشر ألوية الفرقة الثانية في وادي وصحراء حضرموت، والمناطق الصحراوية المحررة بين محافظتي الجوف ومأرب.
وفي أغسطس، تسلمت وحدات من الدرع بعض المهام الأمنية في منفذ الوديعة البري مع السعودية، تزامنا مع افتتاح منشئات ومشاريع تطويرية للمنفذ بتمويل سعودي.
وفي أكتوبر، انتشرت وحدات من الدرع في مناطق شمالي غرب شبوة، وتسلمت مهام تأمين الطريق الدولي بين منطقة (العبر- شبوة)، ومواقع ومعسكرات ونقاط مراقبة بمناطق شبوة على الحدود الإدارية لمأرب ووادي حضرموت، بعض تلك المعسكرات كانت بيد قوات تابعة للانتقالي المدعوم من الإمارات، وأخرى بيد القوات النظامية بالمنطقة العسكرية الاولى في سيئون.
وقد فشلت سابقا محاولات نشر قوات الدرع في هضبة وساحل حضرموت، كادت أن تتسبب في وقوع مواجهات مع قوات موالية للانتقالي ومدعومة من الإمارات.