اخر تحديث 24/1/2025

هيثم قاسم.. أول وزير دفاع تنقل بين الوحدة والانفصال

| عاد إلى دائرة الفعل العسكري من بوابة عاصفة الحزم وأوكلت له مهمة هيكلة "الجيوش المتعددة"..

في أول حكومة يمنية بعد إعادة تحقيق الوحدة بين شطري اليمن: ائتلاف المؤتمر الشعبي العام الحاكم شمالا، والحزب الإشتراكي اليمني الحاكم جنوبا، التي شكلت في 24مايو90م، برئاسة حيدر أبو بكر العطاس (حضرموت)، رئيس هيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سابقا، عين اللواء ركن هيثم قاسم طاهر (ردفان، جنوب) في منصب وزير الدفاع، كأول وزير دفاع لليمن الموحد.

قبل إعلان الوحدة ودمج الجيشين كان آخر وزير دفاع في الشطر الجنوبي هو اللواء الركن صالح عبيد أحمد (الضالع). وقد تم تعيينه في منصب "نائب رئيس الوزراء لشئون الأمن والدفاع" في حكومة العطاس. أما في الشطر الشمالي فلم يكن في هيكل قيادة الجيش منصب وزير دفاع، وكانت السلطة العسكرية لرئيس الأركان هو قائد الجيش، إذ كان آخر رئيس لهيئة الأركان العامة هو المقدم عبدالله حسين البشيري (عمران) عضو اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي حينها. وقد شارك عبيد والبشيري في لجان الوحدة والتوقيع على الاتفاقيات.

وأعيد تعيين هيثم في حكومة العطاس الثانية المشكلة في 30مايو 93م، على رأس وزارة الدفاع بعد إجراء أول انتخابات برلمانية، ليستمر في المنصب، ويتولى الإشراف على عملية توحيد ودمج جيش الشطرين، تحت إطار قوات مسلحة يمنية واحدة، وكان مسئولا عن حركة تنقلات الوحدات وإعادة توزيع نطاق ومناطق انتشار الألوية بين صنعاء وعدن ومسرح عملياتها وطبيعة مهامها.

ينحدر اللواء هيثم، من منطقة ردفان محافظة لحج جنوب البلاد، بدأ حياته العسكرية بعد استقلال جنوب الوطن 67م. والتحق بأول دفعة بالكلية العسكرية في عدن عام 71م. وهو خريج أكاديمية المدرعات، وحاصل على ماجستير علوم عسكرية، وخريج أكاديمية قيادة وأركان جيوش مشتركة.

قبل إعادة تحقيق الوحدة شغل عدة مناصب في الجيش التابع لجمهورية اليمن الديمقراطية، متدرجا من قائد فصيلة ثم قائد سرية، ثم قائد كتيبة ميكا مدعم. وعُين أركان سلاح المدرعات (78م)، ثم قائدا لسلاح المدرعات (80م)، في فترة تولي علي عنتر (الضالع) منصب وزير الدفاع، الذي تم إزاحته لاحقا وتعيين صالح مصلح (حضرموت) بدلا عنه.

خلال أحداث 13 يناير86م الدموية التي نشبت داخل مقر قيادة الحزب الاشتراكي اليمني بين ما يعرف بجناحي: (الزُمرة: عدن-ابين-شبوة) بزعامة علي ناصر محمد، وجناح (الطُغمة: الضالع-لحج-حضرموت) بزعامة عبدالفتاح اسماعيل وعلي عنتر وعلي سالم البيض، كان هيثم في صف البيض، ولعب كقائد لسلاح المدرعات دورا حاسما في ترجيح تلك المواجهة الدموية لصالح (الطُغمة).

ثم تعين في منصب النائب الأول لوزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان العامة. وشارك في جولات الحوارات والمفاوضات بين شمال اليمن وجنوبه، وكان بصفته المسئول المباشر عن الجيش في عدن، أحد القيادات الجنوبية في اللقاءات الرسمية بين الشطرين، وعضو اللجان المشتركة التي أوكل لها رسم خارطة انتشار قوات الجيشين، وأحد الموقعين على الاتفاقيات التي مهدت لإعلان الوحدة.

وهو أحد القيادات الممثلة للشطر الجنوبي في التوقيع على الاتفاق المشترك بين الشطرين (17 ابريل 88م) المنعقد بمدينة تعز، واتفاقية الوحدة الموقعة بصنعاء (22 ابريل 90م).

 

وزير الانفصال مجددا

بعد توتر الوضع سياسيا وانفجاره عسكريا بين وحدات الشطرين، غادر نائب رئيس الجمهورية الأمين العام للحزب الاشتراكي علي سالم البيض العاصمة صنعاء، ولحق به رئيس الحكومة حيدر العطاس، كان الوزير هيثم أحد القادة المغادرين إلى عدن وانضموا للبيض الذي أعلن الانفصال من عدن (21 مايو 94م).

ثم قام البيض بعد ذلك بتشكيل حكومة جنوبية في عدن (2 يونيو 94م) برئاسة العطاس وعضوية 30 وزيرا، وعين اللواء هيثم وزيرا للدفاع في تلك الحكومة "الانفصالية". ليقود هيثم القوات "المتمردة" التي انهزمت في وجه القوات الشرعية، وفر البيض ومعه هيثم ومعظم القادة إلى خارج البلاد.

لجأ اللواء هيثم وقادة آخرين إلى الإمارات لُيقيم فيها طوال سنوات المنفى التي استمرت 20عاما، مفضّلا تمضيتها بعيدا عن الضوء وبعيدا عن أي دور عسكري، رغم العروض التي قدمت له في عهد صالح ومن بعده هادي.

وصدرت أحكام غيابية بإعدام قادة الاشتراكي والقادة الذين قادوا الانفصال، ومن بينهم الوزير هيثم وكثير من رموز "الطغمة". كما صدرت قرارات بإبعاد المئات من العسكريين الجنوبيين الذين شاركوا في عمليات "التمرد ضد الشرعية"، وفصلهم من الخدمة في الجيش والأمن. ولاحقا أصدر صالح قرارا بالعفو عنهم.

احتفظ بعضويته في اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي منذ انتخابه في المؤتمر العام الثالث في أكتوبر85م. وقد تم انتخابه بعد ذلك، عضوا في المكتب السياسي وعضوا في اللجنة المركزية. واستمرت عضويته طوال فترة المنفى، وقد ورد اسمه رقم (7) في قائمة اعضاء اللجنة المركزية المنتخبة في المؤتمر العام الخامس للحزب المنعقد في يوليو2005 بصنعاء.

 

العودة تحت عباءة العاصفة

 

بعد انطلاق عمليات عاصفة الحزم، مارس2015م، بقيادة السعودية ومشاركة الامارات، وانطلاق عمليات تحرير عدن والمحافظات الجنوبية المجاورة من مليشيا التمرد الحوثية، وما تلاها من الاتجاه لبناء تشكيلات مسلحة موازية خارج سيطرة الحكومة الشرعية، كان هيثم أحد الضباط الجنوبيين الذين تم الدفع بهم للعودة للعب دور جديد.

ظهر خلال مشاركته في عمليات تحرير مدينة المكلا حضرموت من تنظيم القاعدة مايو2016. ليتم تكليفه بعد ذلك، بالمشاركة في قيادة عملية "الرمح الذهبي"، عام 2017، لتحرير باب المندب والتقدم باتجاه الساحل الغربي لتعز والحديدة، بإسناد بري وجوي وبحري مكثف لقوات التحالف. صاحب ذلك حملة مكثفة لترميز الرجل اعلاميا ودعائيا.

ثم عين في يوليو 2019، كقائد عام للقوات المشتركة في الساحل الغربي، التي ضمت ألوية المشاة وألوية العمالقة وقوات حراس الجمهورية والمقاومة الوطنية وألوية المقاومة التهامية. وقد تم تعيين العميد طارق صالح حينها نائبا له، ليتولى طارق لاحقا قيادة تلك الألوية التي تم دمجها تحت إطار المقاومة الوطنية.

شارك في تشكيل ألوية ووحدات "جنوبية" بدعم إماراتي، وظهر في معسكرات تدريبية معلنا المضي نحو إعادة بناء "الجيش الجنوبي لاستعادة دولة الجنوب". تلك التشكيلات تحولت لاحقا إلى قوات تابعة للمجلس الانتقالي الذي أسسته أبو ظبي في مايو2017م، برئاسة عيدروس الزبيدي، وانخرطت لاحقا في عمليات التمرد ضد الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا.

 

مهندس هيكلة الجيوش

 

جاء الانتقال السياسي الذي رعته السعودية (7 أبريل 2022م)، وتم تعيين عيدروس عضوا في مجلس القيادة الرئاسي، وفاز الانتقالي بأهم لجنتين من اللجان والهيئات المنبثقة عن الاتفاق، وكانت من نصيبه اللجنة العسكرية والأمنية المشتركة المعنية بإعادة هيكلة وتنظيم القوات الموازية ودمجها ضمن هياكل وزارتي الدفاع والداخلية.

ليتم إسناد مهمة هيكلة الجيوش لهيثم قاسم، بتعيينه رئيسا للجنة التي تبارح مهامها منذ نحو عامين ونصف.

 

منذ مايو 2023م، تم تعيينه عضوا في هيئة رئاسة المجلس الانتقالي، بقرار أصدره عيدروس، ليعود هيثم إلى ميدان الفعل والنفوذ عسكريا وسياسيا.

 

*هذه المادة خاصة بـ"ديفانس لاين"واحدة من سلسلة تقارير تعريفية تستعرض وزراء الدفاع الذين تعاقبوا على الوزارة خلال الحكومات اليمنية منذ عام 90م.


اطلع على المزيد